التصنيفات
ردود فوائد مقالات

عشر ذي الحجة…!

بوّب البخاري رحمه الله الحديث المرفق تحت باب( فضل العمل في أيام التشريق) وذلك في أصح نسخ صحيح البخاري!
‏ويبدو لي – والله أعلم- أن الروايات التي زيد فيها لفظ (يعني العشر)! من صنع الرواة، وليست من نص الحديث! بدليل تبويب البخاري أنها أيام التشريق! تنظر الصورة المرفقة لصحيح البخاري.

والنسخة التي اعتمدت عليها من صحيح البخاري هي النسخة اليونينية، وهي – كما هو معلوم – من أصح نسخ البخاري، بل جل نسخ البخاري على ذلك!

ولا ريب بأن لأيام التشريق فضائل معلومة في أحاديث صحاح مشهورة، وقد ورد النهي عن صيامها، وأنها أيام أكل وشرب وذكر لله، وأنه يضحي فيها المضحي كما يضحي في اليوم العاشر من ذي الحجة! وهذا لكبير منزلتها، وعظيم مكانتها، فألحقت بعيد الأضحى وهو يوم الحج الأكبر! فانسحب عليها ما انسحب عليه من التكبير والذبح والنهي عن صيامها؛ ومن ثم يتبين دقة الإمام البخاري رحمه الله في تبويبه المشار إليه، وأنه الذي صح لديه، على كثرة الأحاديث المروية في هذا الباب، والتي لا يسلم غالبها من علة! ويؤيد ما ذهب إليه البخاري رحمه الله ما ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿لِيَشهَدوا مَنافِعَ لَهُم وَيَذكُرُوا اسمَ اللَّهِ في أَيّامٍ مَعلوماتٍ عَلى ما رَزَقَهُم مِن بَهيمَةِ الأَنعامِ فَكُلوا مِنها وَأَطعِمُوا البائِسَ الفَقيرَ﴾ [الحج: ٢٨] عن بعض السلف بأن الأيام المعلومات المذكورة في الآية هي أيام التشريق بأن سياق الآية يدل بوضوح على أن من ذكر الله شكره على ما رزقنا من بهيمة الأنعام! وهذا المقصد متحقق بعد التضحية وهذا ليس بممكن إلا من اليوم العاشر فما بعده من أيام التشريق الثلاثة بعده وليس يتحقق في غيرها، ونصره الإمام الطحاوي رحمه الله! وهو ما صحت الأحاديث في تقريره بأنها (أي أيام التشريق) أيام أكل وشرب وذكر لله سبحانه! (ينظر: شرح ابن بطال على صحيح البخاري 2/ 561- 562، وفتح الباري 2/ 458).

أما التكبير في عشر ذي الحجة فيما يذكره بعضهم فكما ترى في المرفق رواه البخاري تعليقًا موقوفاً عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما! وقد قال ابن حجر في فتح الباري 2|458:(لم أره موصولاً عنهما) كما لم يثبت في حديث مرفوع صحيح -على حد علمي-! فمن قال: إن التكبير سنة! عليه أن يأتي بنص صحيح صريح مرفوع للنبي ﷺ كي نثبت له السنية! ؛ لأن السنة أصولاً ماورد عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير. وقد ذكر ابن بطال – وشرحه من أقدم شروح البخاري- أن الفقهاء على خلافه! 2/ 563 وقد صورته مرفقاً.

وأما تفسير قوله تعالى في سورة الفجر:( وليالٍ عشر) بأنها ليالي عشر ذي الحجة! فهو أمر مختلف فيه جدًا بين المفسرين! فمن قائل بأنها العشر الأوائل من المحرم! ومن قائل بأنها العشر الأوائل من رمضان ومن قائل بأنها العشرالأواخر من رمضان، ومن قائل بأنها عشر ذي الحجة، وهذا من اختلاف التنوع في التفسير، كما هو معلوم في أصول التفسير وقواعده، ولتنظر تفاسير الطبري والبسيط للواحدي والمحرر الوجيز لابن عطية وابن كثير وغيرها.

هذا، وقد أورد الطبري وابن كثير في تفسيريهما مرفوعاً تفسير ( وليال عشر) في سورة الفجر بإسناد الطبري عنده وبإسناد أحمد عند ابن كثير بأنها عشر ذي الحجة! ومدار هذا الحديث في أسانيده على أبي الزبير عن جابر! وقد عنعنه وهو مدلس! فأنى له الصحة! ثم ذكر ابن كثير نكارة رفعه كما يظهر فيما صورناه منه ملحقًا فلينظر!

ثم على افتراض ثبوت تفسيرها بعشر ذي الحجة فلا دليل على ما ذهب إليه القوم في العمل فيها وامتيازه من غيره من التكبير والتهليل الخ، فهو لا يعدو قسم من الله بها كما أقسم بما شاء سبحانه من مخلوقاته كالفجر والشفع والوتر والشمس والقمر والليل والنهار والضحى والسماء والأرض ونحو ذلك.

وأما صيامها فقد ورد حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم في مسند أحمد برقم24927 وسنن أبي داوود برقم 2439عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت:” ما رأيت رسول الله ﷺ صائمًا أيام العشر قط”! تنظر صورة المرفق من مسند أحمد.