التصنيفات
خواطر

نعي الجمعة!

أنعي لكم الجمعة القديمة…

والأيام اليتيمة …

والخطب العظيمة …

أخرج كما يخرج الناس إلى صلاة الجمعة كل أسبوع، وقد شاهدت ولاحظت أموراً لم أكن أراها قبل أربعين عاماً وأكثر!

كان مما رأيت…من جيل الشباب تحديدًا:

– زهد كثير منهم بسماع خطبة الجمعة. 

-وكان مما رأيت حال هؤلاء الشباب وهم يسيرون نحو المساجد بأجساد مترهلة متثاقلة كأنهم قد استيأسوا من رتابة الخطاب والخطباء. 

-رأيتهم يتوجهون ولسان حالهم يطلب قضاء الفريضة ثم الرجوع وحسب! 

نعم، لا ألومهم… بعد أن تحولت المساجد إلى دوائر  يدعى فيها غير الله، والله تعالى يقول: ﴿وَأَنَّ المَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدعوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨]، وقد سمعت بالأمس أحدهم يقول على المنبر:( لا تنتقصوا الوطن فهو يطعمنا ويسقينا!) ونسي أن الله هو ﴿الَّذي خَلَقَني فَهُوَ يَهدينِ ۝ وَالَّذي هُوَ يُطعِمُني وَيَسقينِ﴾ [الشعراء: ٧٧-٧٩]. 

لا ألومهم…وقد تحول الأئمة والخطباء إلا من رحم ربي إلى كهنة وسدنة -في أحسن حالاتهم-، يوزعون صكوك الغفران، وتحولوا -في أسوأ حالاتهم- إلى سحرة يعقدون طقوس الولاء والانتماء، ويتمتمون بتعاويذهم ومحفوظاتهم ثم ينفثونها في وجه المصلين بـ(كليشيهات) مكررة على مدار العام. 

نعم، لا ألوم هذا الجيل… عندما لا أسمع تأمينهم على دعاء (الخطيب)! فقد ملّوا أدعية (جلجلوتية) مجترّة خالية من الحياة. 

لا ألومهم… والخطاب هو هو لم يتغير بتغير الأحوال.

لا ألومهم… عندما يتحول الخطيب إلى (حكواتي) والخطبة إلى سجع الكهان. 

لا ألومهم… وقد تَسَوَّر المحاريب والمنابر كائنات لا علاقة لهم بالعلم والدين، سوى أنها وظيفة يقتاتون بها، ويعتاشون عليها. 

لا ألومهم… وقد كانوا هم أنفسهم ضحايا نكرات تسلقوا منابر العلم في الجامعات؛ فأنتجوا لنا مثل هذه (الأراجوزات) التي تصدرت هذا المسرح البائس. 

لكِ الله يا جمعة كيف أخرجوك من أَلَقِكِ وعنفوانك؟!

لكِ الله يا جمعة كيف أسروك وقيدوك؟!

لكِ الله يا جمعة كيف حولوك إلى مشهد يجمع الملهاة إلى المأساة؟!

وعليكِ سلام الله…

وعظّم اللهُ أجرَنا فيك ما كان الزمان…