التصنيفات
ردود لغويات مقالات

هل يمكن صنع برمجية لضبط النصوص العربية بالحركات اعتماداً على الذكاء الاصطناعي؟!

من البديهيات عند دارسي اللغات من اللسانيين أن اللغة العربية لغة معربة وهي خصيصة تختلف بها عن سائر لغات البشر! فكما أنها اللغة الوحيدة في التاريخ لم تتغير قواعدها وبنيتها منذ نزول القرآن الكريم أي منذ أكثر من 1400 سنة لارتباطها بالقرآن الكريم الذي تكفل الله تعالى بحفظه! فهي كذلك تختلف عن سائر لغات البشر، وليس بالضرورة مايكون صالحاً للغات الأخرى أن يكون صالحاً لها لاختلاف الجامع بينها وبين سائر اللغات ومن ثَم فلا قياس بينها وبين غيرها!

ففي مثل قولنا ( ضرب موسى عمر) لايمكن أن تظهر حركة الإعراب على ( موسى) في حين تظهر على لفظ( عمر) غير المصروف! ومع ارتباط حركة الإعراب بالمعنى في العربية فكيف يميز ما يسمى ( الذكاء الاصطناعي) بين الفاعل ( الضارب) و المفعول( المضروب)؟! فإذا أضفنا علوم البلاغة إلى هذه الجملة في التقديم والتأخير بين الفاعل والمفعول وفقاً لصوابط معلومة في العربية، وهي بالمناسبة من خصائص العربية! وإلا كيف كان القرآن معجزاً للعالمين ببيانه وبلاغته؟!

فإن أردتُ( المتكلم) العناية بالمضروب قدمتُ المفعول على الفاعل فيكون ( موسى) مفعولاً مقدماً بفتحة مقدرة على ( الألف المقصورة)، ويكون الضارب هو ( عمرُ) فاعلاً مؤخراً وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره.

وأما إن أردت عكس الصورة السابقة فيكون ( موسى) الفاعل و( عمر ) هو المفعول! وهناك أمثلة كثيرة أكثر تعقيداً من هذا تركناها اختصاراً.

باختصارالعربية لغة وجدانية عميقة تعتمد على المتكلم العاقل والمتلقي في إطار قرينة عقلية وجدانية دلالية تجمع بينهما فلا يمكن أن تختزل فيما يتعلق بحركات الإعراب فيها ببرنامج مهما بلغ إتقاناً فهناك برمجيات سبقت جربناها في هذا المجال وفشلت في ضبط كثير من النصوص بحركات الإعراب!

ومن هنا فليست العربية بلغة بنيوية سطحية كبعض اللغات يمكن ضبطها ببرمجية بسهولة!

المشكلة تكمن في:

1/ في عدم معرفة العربية وخصائصها بصورة صحيحة، وانفرادها بصفات وسمات تختلف عن سائر لغات البشر.

2/ قياس العربية على اللغات الأخرى، والتوهم بأن ما يصلح لغيرها يصلح لها! وهذا قياس باطل كما أشرت إليه في هذه العجالة فيما سبق.

3/ عدم رجوع المبرمجين إلى المتخصصين الأكفاء في العربية الذين يقومون بتوجيه عملهم وتقويمه.

ماسبق كله يتمحور حول برمجيات تحريك النصوص العربية وضبطها بالشكل، ولا ينسحب بالضرورة على برمجيات أخرى تقوم على الجمع والإحصاء فيما يتعلق بالمناشط المعجمية ونحوها التي تتعلق ببنية الكلمات. أو بالتصحيح الرسمي ( الإملائي). ونحو ذلك مما تسمح به العربية.

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.