التصنيفات
خواطر مقالات

هل السكوت فضيلة؟ والحياد وسيلة؟

من الحكم والأمثال التي سارت بين الناس حتى أضحت مسلمات! المقولة الشهيرة ( إذا كان الكلام من فضة! فالسكوت من ذهب!) ولست ضد هذا الاتجاه إذا وضع موضعه الصحيح، ولكن عندما يراد لهذا الكلام أن يعامل معاملة الكلام المنزل المقدس! فهنا نقف لنبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود!

مثل هذه الحكمة التي سارت مثلًا وأرادها بعضهم قانونًا جبريًا هي في الأصل قد وردت في حديث نبوي صحيح! ذلكم قوله عليه الصلاة والسلام:مَن صمت نجا“! ويُحمل الصمت فيه عن الشر والسوء كما فسره حديث آخر حسنه الألباني في الصحيحة855 وهو قوله عليه الصلاة والسلام:رحم الله امرءاً قال خيراً فغنم، أو سكت عن سوء فسلم!”

وفي هذا البيان النبوي توضيح لمن أُلبست أو لُبِّست عليهم حقيقة العبارة السابقة! بأن فضيلة السكوت تكون في السكوت عن الموضوعات التي تتعلق بالشر! كالسكوت عن غيبة أو استطالة في عرض، ونحو ذلك.

وهذا لا يعني السكوت في أمور الخير في مظاهره الكثيرة المنوعة! ومنه ( الحق) وعدم السكوت عن حق مقابل باطل يريد أن يستشري ويتمدد بحجة أن السكوت من ذهب!!! فهنا يكون السكوت خطيئة! بل من صدأ! فضلاً عن أن يكون من ذهب!

ولذلك تواترت وتوافرت النصوص النبوية الصحيحة على فضيلة نصرة الحق ولو بكلمة! ونصرة المسلم أخاه ورد أذى من آذاه!

كقوله عليه الصلاة والسلام:“… المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله…” الحديث رواه مسلم2564، ومعلوم أن النصرة ضد الخذلان، والنصرة تبدأ بالكلمة وتنتهي بالفعل والعمل!

ولا أحسن من قوله تعالى فيصلًا في هذا الموضوع: ﴿وَلتَكُن مِنكُم أُمَّةٌ يَدعونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ المُفلِحونَ﴾ [آل عمران: ١٠٤]

ومثل ذلك يقال عمن جعل الحياد في الموضوعات والحوادث والوقائع وتفسيرها منهجاً منزلاً مقدسًا كما صور له شيطانه!

بحجة الموضوعية!

وهذا من تلبيس إبليس! ومن مصائد الشيطان التي يوقع فيها أولياءه!

فأنى للموضوعية أن تكون حياديًا بين الحق والباطل! والجلاد والضحية؟!

والظالم والمظلوم؟!

الموضوعية أن تنزل كل أمر منزله اللائق به وفقاً للأدلة الصحيحة، والشواهد الرجيحة!

أما سلوك مسلك الحياد في مثل ذلك فهو لا يعدو أن يكون هروباً إلى الخلف! من تحمل تبعات الوقوف إلى جانب الحق وأهله! ورجعية وتقهقرًا وانهزامية أمام المسؤوليات الشرعية والأخلاقية والإنسانية!

وصدق من قال( أحلك الأماكن في الجحيم لمن يمارس الحياد في الأزمات الأخلاقية!).

تعليقين على “هل السكوت فضيلة؟ والحياد وسيلة؟”

احسن الله اليك شيخنا الكريم
لطالما اساء الناس فهم هذه المقولة
وخذلوا الحق واهله بحجة ان السكوت
من ذهب
جعل الله ماخط يراعك في صحيفة اعمالك
وميزان حسناتك يوم لاينفع مال ولا بنون
الا من اتى الله بقلب سليم..

التعليقات مغلقة.