التصنيفات
خواطر مقالات

من ترهات ما يسمى (التنمية الذاتية)!

يمر بي بين حين وآخر بعض مقولات تتسربل بسربال عصري يسمونه التنمية الذاتية أو نحو ذلك من أسماء!

من ذلك ترى قول أحدهمبوصفه ملهمًا ناجحًا في الوصول إلى مكانة اقتصادية غالباً أو دائمًافي مقابلة معه عندما يسأله السائل المتلهف عن كلمة السر في تحقيق ما وصل إليه باعتباره قدوة للشباب وملهماً للجيل! فتجد جوابهم يلخصونه بكلمة ( الشغف)! وهذا من المضحك جدًا!

يجعلون من الشغف عنوان تحقيق النجاح الاقتصادي!

وهذا تدليس وتلبيس في أحسن حالاته!

فغالب من يقولون ذلك عندما تفتش في سيرتهم الذاتية! تجدهم أحد رجلين!

إما رجل ولد في عائلة اقتصادية! أو تجارية أو كما يقال (ولد في فمه ملعقة من ذهب!).

أو أنه لم يكن بذاك الوضع السابق! وإنما رجل توفر له من الظروف التي لم يصنعها هو! بل صنعها لها أحد ما لغاية ما! الأمر الذي جعله يصل إلى ما وصل إليه! فوجدقَدَراًفي طريقه سهل له الأمور، وهيأ له الظروف، واصطنعه لنفسه فجعله في الواجهة فيما ولاه من أعمال! وأغدق عليه بما يجعله أمام الناس من الناجحين الملهمين! وقد حظي مُشغلِّه بالسهم الأعظم! والنصيب الأكبر في عقد بيع بينهما!

يقوم هذا ( الملهِم) بموجبه بغالب الأمور التي لا يستطيع أو لا تليق بـ(معلمه). أو لأنه لا يجوز له العمل فيها!

وهذا المتشدق بالشغف والنجاح المنظور إليه من العوام بأنه الناجح الملهم! يَعْلم أنه لو توفر لـ(جحا ) أو (أشعب) ما توفر له من ظروف لكانا مثله أو أفضل!

فكلمة (الشغف) هنا مضحكة تقال للتعمية والتسلية والاستهلاك ( الدرامي)!

وبعضهم يذهب مذهبًا آخر في تنميته بل تعميته! فتراه يقول بأن سر نجاحه هو تحديد الأهداف! وهذا مضحك جداً أيضًا!

فكم رأينا مَن حدد أهدافه بكل وسائل التحديد، ثم خرج في حياته بلا جديد!

جل الناس تفعل هذا تضع أهدافًا محددة في حياتها! وأقصد بالأهداف -هناالأهداف الكبرى، لا الأهداف العادية! التي يشترك فيها كثير من البشر!

ولئن قمنا بتفتيش سِيَر هؤلاء (المتشبعين) لوجدناها ملآى بالظروف القَدَرية التي أسهمت في جعل هذا الشخص عَلَماً في مجال التجارة أو الاقتصاد أو الأعمال أو التقنية! ولسائلٍ أن يسأل: لماذا خصصت هذه المجالات؟! فأجيبه: لأنها ما يهم الناس في هذا الزمان إلا من رحم ربي، بل جعلوها مقياسًا لنجاح المرء أو فشله!

معظمهم وجد ظروفًا مكانية أو وجد من يأخذ بيده لتقاطع المصالح بعضها ببعض فوصل إلى ما وصل إليه!

خلاصة القول

لا ننكر بأن هناك عصاميين كافحوا وناضلوا حتي حققوا إنجازاتهم!

ولكن غالب من يُسلَّط عليه الإعلام اليوم هم أناس ممن ذكرت حالهم!

فلا يخرجنَّ أحدهم ليُنظِّر في التنمية الذاتية أو قل البشرية -إن شئت-، ثم يقول للناس: إن الشغف وتحديد الهدف إلى غير ذلك من هذه العبارات التي تستعمل في هذا المقام للتعمية لا للتنمية!

وأخيراً أذكر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:( المتشبِّعُ بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور)! رواه البخاري 5219. أسأل الله العافية.