التصنيفات
خواطر مقالات

صناعة الرأي العام بالإعلام الموجَّه

تابعت مع مَن تابع في الأيام الماضية قضية الطفل المغربي الذي وقع في بئر عميقة، وما يتعلق بعملية استخراجه منها.

القضية في نظري تُعد مثالًا جيدًا على الإعلام الموجَّه والإعلام البديل! وكيفية تشكيل الرأي العام بالإعلام الموجَّه، وتغطية الإعلام البديل؛ ذلك لأن الذي يوجه الإعلام الموجه لا يريد لقضايا معينة وأخبار أن تنتشر فتشوِّش الرأي العام! وهذا كله يؤكِّد أن لعبة الخداع والتزوير والتزييف على الشعوب ولا سيما المسلمين ما تزال تسير وفق الخطط التي يريدها مَن بأيديهم خيوط هذه اللعبة القذرة!

في الوقت الذي ركَّز فيه الإعلام الموجه الصورة على قضية (ريان) الطفل المغربي رحمه الله! كانت أحدث الطائرات المقاتلة الأمريكية تقصف بيوتاً في مدينة (أطمة) السورية! فقتلت ستة أطفال وأربع نساء!! ولا بواكي لهم في الإعلام الموجه! وتحت أي ذريعة فلا يوجد ما يسوغ قتل الأطفال والنساء!

وفي الوقت نفسه أيضاً كانت (اليونان) الدولة الأوروبية التي تنضوي تحت (اتحاد أوروبي) ما يفتأ يُصدِّع رؤوسنا ليل نهار هو وناعقوه بالإنسانية وحقوق الإنسان والحيوان الخ…! تجرد اليونان الأوروبية! اثني عشر لاجئاً من ثيابهم وأحذيتهم في البرد الشديد وتعيدهم إلى تركيا وقد تجمدت أجسادهم فقَضَوا تجمُّداً! ناهيك عن أطفال قضَوا تجمداً في مخيمات اللاجئين السوريين وغيرهم ممن لم نسمع بهم!!

كيف عرفنا هذه الأخبار ؟ بالإعلام البديل (المستقل) بواسطة ما توفره مواقع التواصل الاجتماعي من صفحات تُسهم في الوصول إليها للباحث عنها! فهي سلاح ذو حدين!

فمن جهة تعمل في مصلحة الإعلام الموجه لتشكيل الرأي العام للشعوب! لتهيئتهم لحدث ما …! أو لتوجيه أنظارهم نحو ما يريدون، وصرفها عما لا يريدون!

ومن جهة أخرى تعطي مساحة للإعلام البديل وإن كانت أقل تفاعلاً وشهرةً! ذلك لأن دهاقنة الإعلام الموجه لهم جيوش ممن اصطلح على تسميته بـ(الذباب الإلكتروني)! يعملون على تكاثر الأخبار التي يريدون لها أن تغطي على غيرها فتُشكِّل الرأي العام في عملية غسل دماغية كبيرة تشمل شعوباً بأكملها! وهذا التكاثر يحصل باصطناع وَسم (هاشتاغ) لخبر أو حدث أو قضية ما فيظل يعمل ذلكم الذباب الإلكتروني عملَه في تكثيره، وإيهام التفاعل معه حتى يحوِّل ذلك الحدث إلى (الاتجاه) الذي يريدون للناس الهرولة إليه!أي ما يسمى (الترند)! وهو الذي يتشكل فيه الرأي العام للناس، والاتجاه الذي صنعوه في بوصلتهم!وتتم فيه عملية توجيههم نحوه، واصطباغ تفكيرهم به! وهذا لعمر الحق من أخبث ما يُدار في الإعلام الجديد! ويتم بمعونة الإعلام التقليدي القديم بواسطة القنوات التلفزيونية الفضائية! فهي تقوم بمهمة الدعم والإسناد للإعلام الجديد! بعد أن كانت هي المصدر الأول في الإعلام التقليدي!

يصرون على منهج الكذب والخداع وتوجيه الجموع نحو ما يتوافق مع خططهم!

المصيبة الكبرى في انسياق غالب الناس إلا من رحم ربي وراء تلكم الاتجاهات بلا تفكر ولا تعقل!

فمتى ستصحو هذه الشعوب من غفوتها، وتعيد تشكيل عقولها، بالوعي الشامل، لما يحاك لها في خفايا الإعلام السافل؟!