التصنيفات
خواطر مقالات

لماذا يُغيَّب الإسلام؟!

تابعت برنامجًا حوارياً معروفًا في إحدى القنوات الفضائية الشهيرة!

وكان موضوع الحلقة أيهما أفضل لنا نحن العرب! القطب الأمريكي أم القطب الروسي الصيني!!

ودارت رحى معركة كلامية لا طائل منها! وكانت الأفكار تدور في الحلقة كما يدور الحمار في الرحى

فتاهت البوصلة!

وتهاوى المنهج

وتشابكت الأفكار

وتلاطمت الموضوعات

وحار المشاهد وسط هذه المتاهة!

لا أريدهناإساءة الظن في مقدم البرنامج ومعده مع أن (بعض) الظن إثم! وليس كله!

ولكني عندما أرى غالب البرامج الحوارية والأطاريح الفكرية هنا وهناك تضعنا نحن المسلمين دائماً في خانة التبعية لهذا الطرف أو ذاك! وكأنه قدر محتوم! ومصير حتمي لهذه الأمة مشؤوم! أسأل نفسي لماذا يصر الإعلام الموجه على حشر الأمة بين خيارين أحلاهما مر وخيرهما شر؟! لماذا نخير بين السرطان والطاعون؟!

من المعيب على أمة تمتلك منهج حياة متكامل ﴿اليَومَ أَكمَلتُ لَكُم دينَكُم وَأَتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتي وَرَضيتُ لَكُمُ الإِسلامَ دينًا﴾ [المائدة: ٣] أن تكون تبعاً لهذا أو ذاك من مناهج البشر القاصرة!

وعندما أتكلم عن منهج الإسلام في الحياة والحضارة لا أتكلم عن نظرية ظنية! بل عن حقيقة قطعية واقعية! استمرت أكثر من ألف سنة! بدءًا من العهد النبوي الكريم فالراشدين فالأمويين ثم العباسيين وصولًا إلى العثمانيين في بداية دولتهم ووسطها لا آخرها!

فلدينا رصيد تاريخي واقعي ضخم!

فنحن لا نقدم أمراً خياليًا بل أمراً واقعيًا لايضاهيه منهج أرضي! وأثبت بالدليل الواقعي نُجحه وصلاحه لكل زمان ومكان! وعاشت البشرية أجمل عصورها في ظله، وأبهى مراحلها في فيئه!

والسؤال الذي يطرح نفسه بشدة! لماذا لا نجد خيار الإسلام بين الخيارات! لأمة عاشت جل عصورها متبوعة لا تابعة! وأزهرت حياة الإنسان في ربوعها؟!

ويحفظ التاريخ أنها لم تقم على جماجم الناس وأشلائهم! كما هو حال الأقطاب التي نُخيَّر بينها

ولم تقدم هذه الأمة المرحومة في تاريخها الطويل للبشرية سوى أدوات الحياة والنماء والعلم والتقدم!

لم نقدم أسلحة الدمار الشامل! ولا القنابل النووية ولا الهيدروجينية!وغيرها مما تتفنن فيه بل تتفاخر أقطاب الشرق والغرب في امتلاكهم مخازن السلاح الذي يدمر أكبر قدر من العالم! وأكثر عدد من البشر!﴿وَإِذا تَوَلّى سَعى فِي الأَرضِ لِيُفسِدَ فيها وَيُهلِكَ الحَرثَ وَالنَّسلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الفَسادَ﴾ [البقرة: ٢٠٥].

ولقائلٍ أن يقولهناأليس سبب ذلك فشل بعض التجارب المحسوبة على الإسلام؟! ولا سيما أن بعضها كان نكالًا وكارثة على الإسلام وأهله!

والجواب لابد فيه من وضع الأمور في نصابها كي تتضح الصورة

التجارب المعاصرة التي تنسب إلى الإسلام ليست من الإسلام في شيء! منهجاً وتصوراً والتزاماً

فهي إما تجارب مشوبة بمنطلقات حزبية عنصرية ضيقة! لا تتفق مع أصول الإسلام ابتداءً!

وإما تجارب حُسبت على الإسلام يا للأسف! وهو منها براء! قد قامت على أكتاف بعض المتحمسين الجهلة في أصول الدين وفروعه! أو المأجورين! ومثل هؤلاء يفعلون بأنفسهم وبغيرهم ما لا يفعل العدو بعدوه! وهو ابتلاء ابتُلي به الإسلام والمسلمون!

ولعمر الحق فلا يفرح أعداء الدين فرحَهم بمثل هؤلاء الجهلة! فيزيدون من أوزارهم أوزارًا وأثقالهم أحمالاً! فيلبسون عليهم ما يلبسون كي يقولوا هم وناعقوهم: أهذا هو الإسلام الذي تريدون؟!

ويغيب عن كثير من الناسبحكم آلة الإعلام الموجهة أساسًا لخدمة هذه الفكرةبأن المنهج لا يُعاب بعيوب أتباعه!

وبعبارة أخرىفالفشل لدى بعض الأتباع في تطبيق المنهج فشل في طريقتهم الخاطئة ومسلكهم المنحرف، وليس بالضرورة يمثل خللًا في المنهج ذاته! أو فشلًا له! ولا سيما وأنّ لناكما أسلفتإرثاً تاريخيًا حضاريًا ضخماً لا يوجد لمنهج آخر!

وهذا تالله لأمر بديهي طبيعي! كيف لا يكون كذلك وهو منهج رباني! ودين إلهي! ﴿أَفَحُكمَ الجاهِلِيَّةِ يَبغونَ وَمَن أَحسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكمًا لِقَومٍ يوقِنونَ﴾ [المائدة: ٥٠]. ﴿إِنَّ الدّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسلامُ وَمَا اختَلَفَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ إِلّا مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ العِلمُ بَغيًا بَينَهُم وَمَن يَكفُر بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَريعُ الحِسابِ﴾ [آل عمران: ١٩].

فلا مجال للمقارنة أصلاً بين منهج بشري أرضي قاصر! ومنهج رباني باهر! والقياس عليه باطل!

لا يراد للإسلام الحقيقي في وسائل الاعلام المؤثرة الموجهة أن يُطرح بوصفه الخيار الصحيح ولا خيار سواه لهذه الأمة! وإن طُرح فيُطرح من خلال تجارب مشوَّهة مبتورة هنا وهناك، حُسبت عليه زوراً وبهتانًا، وظلمًا وعدوانًا.

والجواب معروف لكل ذي حجر!

فهذا الطرح الأنموذجي للإسلام الحقيقي الذي لا يُدار من الشرق أو الغرب! يعني زوال سائر الأقطاب وتوابعها شرقية كانت أم غربية!!

وهذا يقودنا إلى سؤال آخر

هل الأمة اليوم على قدر هذا الدين العظيم؟! وهل لديها الاستعداد له؟!

جوابه في المقالة القادمة بإذن الله…

والله يحكم لا معقِّب لحكمه.

7 تعليقات على “لماذا يُغيَّب الإسلام؟!”

جزاك الله خيرا يا دكتور محسن ونفع بك الإسلام والمسلمين ..
الإسلام هو المنهج الحق والحل لكل المعضلات فشتان بين كتاب قصلت آياته من لدن حكيم خبير وبين مناهج وتشريعات من صنع البشر ..

التعليقات مغلقة.