التصنيفات
مقالات

أحاديث مختارة 3

أذكر هنا بعض الأحاديث النبوية التي كنتُ أُسأل عنها أو تظهر لي في وسائل التواصل الاجتماعي فأخرجها تخريج عزوٍ، وحكمٍ عليها من حيث الصحة أو الضعف ، أو أذكر مَن صححها أو ضعفها من أهل العلم الموثوقين في هذا الشأن، والعلم عند الله تعالى:

1- عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ :”أوَّلُ هذا الأمرِ نُبوَّةٌ ورحمةٌ، ثمَّ يكونُ خلافةً ورحمةً، ثمَّ يكونُ مُلكًا ورحمةً، ثمَّ يتكادمون عليه تكادُمَ الحُمُرِ، فعليكم بالجِهادِ، وإنَّ أفضلَ جهادِكم الرِّباطُ، وإنَّ أفضلَ رباطِكم عَسْقلانُ”. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (11/88) (11138)، قال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/190: رجاله ثقات.

وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 3270.

ومعنى (يتكادمون) أي: يتصارعون.

2-عن سعيد بن زيد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ :

” مَنْ قُتِلَ دون دِينِهِ ؛ فهو شهيدٌ ، ومن قُتِلَ دون دَمِهِ ؛ فهو شهيدٌ ، ومن قُتِلَ دون مالِهِ ؛ فهو شهيدٌ ، ومن قُتِلَ دون أهْلِهِ ؛ فهو شهيدٌ”. رواه الترمذي والنسائي وأبوداوود والبيهقي وأحمد وغيرهم.

صححه ابن حجر العسقلاني في هداية الرواة 3460، وأحمد شاكر في تخريج المسند 3/ 119والشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج رياض الصالحين 1356، والألباني في إرواء الغليل 708. والحديث يعد من الأصول.

3-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَالَ : ” سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ “. فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، قَنَتَ : ” اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ “. رواه البخاري 6393.

4-عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:”لَزَوَالُ الدنيا أَهْوَنُ على اللهِ من قَتْلِ رجلٍ مسلمٍ”. أخرجه الترمذي (1395)، والنسائي (3987) وغيرهما، وهو حديث صحيح بمجموع طرقه كما قال الألباني في غاية المرام برقم: 439.

5- حديث عدي بن عميرة الكندي عن جده عروة بن فروة قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول:” إنَّ اللهَ لا يُعذِّبُ العامَّةَ بعمَلِ الخاصَّةِ، حتى يرَوُا المُنكَرَ بينَ ظَهْرانَيْهم، وهم قادِرونَ على أنْ يُنكِروه، فلا يُنكِروه، فإذا فَعَلوا ذلك عذَّبَ اللهُ الخاصَّةَ والعامَّةَ”..

حديث حسن لغيره كما قال محققو المسند، يشهد له الحديث الذي بعده برقم 6، أخرجه أحمد (17720) واللفظ له، وابن أبي عاصم في ((الآحاد والمثاني)) (2431)، والطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1175). بأسانيد ضعيفة.

وقوله:(حتى يروا المنكر)، قال السندي في حاشيته على المسند:”أي: فيعذب كلاً بعمله، فالعامة يعذبهم بترك الإنكار على المنكر، كما يعذب الخاصة بفعل المنكر).

6- عن جرير بن عبدالله أن نبي الله ﷺ قال:”ما من قوم يُعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأكثر ممن يعمله، لم يغيروه إلا عمهم الله بعقاب “. رواه أحمد برقم 19230، بإسناد حسن، وله شواهد يرتقي بها إلى الصحة، منها ما رواه أبوداوود وغيره بإسناد صحيح برقم 4338 من قول النبي ﷺ :”إنَّ الناسَ إذا رأَوُا الظالمَ فلم يأخُذوا على يدَيْه أوشَكَ أنْ يعُمَّهم اللهُ بعقابٍ”.

7- – عن أبي هريرة أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان إذا أوى إلى فِراشِهِ قال: “اللَّهمَّ رَبَّ السَّمَواتِ السَّبعِ ورَبَّ الأرَضينَ، ورَبَّنا، ورَبَّ كُلِّ شيءٍ، فالِقَ الحَبِّ والنَّوى، مُنزِلَ التَّوراةِ، والإنجيلِ، والقُرآنِ، أعوذُ بكَ مِن شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ أنتَ آخِذٌ بناصيَتِهِ، أنتَ الأوَّلُ فليس قَبلَكَ شيءٌ، وأنتَ الآخِرُ فليس بَعدَكَ شيءٌ، وأنتَ الظَّاهِرُ فليس فَوقَكَ شيءٌ، وأنتَ الباطِنُ فليس دونَكَ شيءٌ، اقضِ عنِّي الدَّيْنَ وأغنِني مِنَ الفَقرِ”.

رواه أحمد برقم: 10924.

وقال محققه شيخنا شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم، أخرجه مسلم (2713)، وأبو داود (5051)، والترمذي (3400)، والنسائي في ((السنن الكبرى)) (7668)، وابن ماجه (3873)، وأحمد (10924) واللفظ له.

8- – عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”من أصابته فَاقَةٌ فأَنزَلَها بالناسِ لم تُسَدَّ فَاقَتُهُ . ومَن أنزلها باللهِ أوشك الله له بالغنى، إما بموتٍ عاجل، أو غنى ً عاجل”. أخرجه أبو داود (1645)، وأحمد (3696)، والترمذي 2326 ، وقال: حديث حسن صحيح غريب.

وفي رواية عند الطحاوي في مشكل الآثار 6055:”مَنْ نَزَلَتْ بهِ فَاقَةٌ، فَأَنْزَلَها بالنَّاس لم تُسَدَّ فَاقَتُه، وإِنْ أَنْزَلَها بِاللَّهِ عَزَّ وجَلُ ، أَوْشَكَ الله عزَّ وجَلَّ له بالغنى، إما غنى آجل، أو غنى عاجل” .

قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في معناه:”فكان في الحديث أن الغنى الآجل الذي يُغني عن الدُّنيا قد جعله رسول الله ﷺ غنى بمعنى غنى المال،

وكان قوله : (أو غِنى عاجل) الذي لا يُلْهِي عن ذكر الله عز وجل، وأداء فرائضه والقيام فيه بحقه، ويكون مَعَ ذلك قواماً للذي يؤتاه في دنياه حتى يكونَ فارغاً لتلك الأشياء الأُخَر، وبالله التوفيق”. وقريب منه قول السبكي في المنهل العذب 9/283: “إما بموت قريب له غني ؛ فيرثه ، أو بموت الشخص نفسه ، فيستغني عن المال ، أو بغنى ويسار يسوقه الله إليه من أي باب شاء ، فهو أعم مما قبله ، ومصداقه قوله تعالى : (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)”.

9- عن عبدالله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

“من سأل الناسَ في غيرِ فاقةٍ نزلتْ به ، أو عيالٍ لا يطيقُهم ، جاء يومَ القيامةِ بوجه ليس عليه لحمٌ”.

رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (3526) واللفظ له.

وهو حديث حسن لغيره كما قال الحافظ المنذري والألباني في صحيح الترغيب برقم: 789.

ورواه كذلك ابن أبي الدنيا في ((القناعة والتعفف)) (18) باختلاف يسير، والطبري في ((مسند عمر)) (21).

وفي رواية عند البيهقي في الشعب من غير إسناد برقم 3526:

“من فتح على نفسِهِ بابَ مسألةٍ من غيرِ فاقةٍ نزلَتْ به ، أو عيالٍ لا يُطيقُهم ، فتح اللهُ عليه بابَ فاقةٍ من حيثُ لا يحتسِبُ”.

وحكمه كحكم سابقه ينظر: صحيح الترغيب رقم: 790.

10–وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ : أَنَّهُ أَتَى الشَّامَ ، فَرَأَى النَّصَارَى يسجدون لأَحْبَارِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ وَفُقَهَائِهِمْ ، فَقَالَ : ” لِأَيِّ شَيْءٍ تَفْعَلُونَ هَذَا ؟

قَالُوا : هَذِهِ تَحِيَّةُ الأَنْبِيَاءِ ، قُلْنَا : فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَصْنَعَ بِنَبَيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَجَدَ ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا مُعَاذُ ؟ قَالَ : إِنِّي أَتَيْتُ الشَّامَ فَرَأَيْتُ النَّصَارَى يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَقِسِّيسِيهِمْ وَرُهْبَانِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ ، وَرَأَيْتُ الْيَهُودَ يَسْجُدُونَ لِأَحْبَارِهِمْ وَفُقَهَائِهِمْ وَعُلَمَائِهِمْ ، فَقُلْتُ : أَيُّ شَيْءٍ تَصْنَعُونَ هَذَا ، وَتَفْعَلُونَ هَذَا ؟

قَالُوا : هَذِهِ تَحِيَّةُ الأَنْبِيَاءِ .

قُلْتُ : فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَصْنَعَ بِنَبِيَّنَا.

فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهُمْ كَذَبُوا عَلَىٰ أَنْبِيَائِهِمْ ، كَمَا حَرَّفُوا كِتَابَهُمْ ، لَوْ أَمَرْتُ أَحَداً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ َلأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ ، وَلَا تَجِدُ أَمْرَأَةٌ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا ، وَلَو سَأَلَهَا نَفْسَهَا وَهِيَ عَلَى ظَهْرِ قَتَبٍ” .

قال الهيثمي في المجمع 10/ 362:”رواه بتمامه البزار ، وأحمد باختصار ، ورجاله رجال الصحيح ، وكذلك طريق من طرق أحمد ، وروى الطبراني بعضه أيضاً”.

قلتُ: والحديث روي من وجوه عدة وتُكُلِّم فيه كثيراً، وهو حديث حسن بشواهده ومتابعاته، والله أعلم.

والقَتَب: الجمل الصغير.

11- وَعَنْ عابس الغفاري رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتخوف على أمته ست خصالٍ : ” إِمْرَةِ الصبيان، وَكَثْرَةِ الشُّرَطِ، وَالرشوة في الْحُكْم، وَقَطِيعَةِ الرَّحِم، وَاسْتِخْفَافٍ بِالدَّمِ، وَنَشْءٍ يَتَّخِذُونَ الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ الرجل ليس بأفقههم ولا أفضلهم يُغَنِّيهِمْ غناءً”.

رواه الطبراني في الكبير 18/ 32، والأوسط 1/ 212 برقم 685 بإسناد صحيح.

وقال الهيثمي في المجمع 5/245: وأحد إسنادي الكبير رجاله رجال الصحيح.

12-حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه “: في قوله تعالى : عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ فقالَ: أما واللَّهِ لقد سألتُ عنها رسولَ اللهِ – صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ – ؟ فقالَ : بل ائتَمِروا بالمعروفِ، وتَناهوا عنِ المنكرِ، حتَّى إذا رأيتَ شحًّا مطاعًا، وَهَوًى متَّبعًا، ودُنْيا مؤثَرةً، وإعجابَ كلِّ ذي رأيٍ برأيِهِ، ورأيتَ أمرًا لا بدَّ لكَ منهُ فعليكَ نفسَكَ، ودعْ أمرَ العَوامِّ، فإنَّ وراءَكم أيَّام الصَّبرِ فمن صبر فيهنَّ كان كمن قبضَ علَى الجمرِ ، للعاملِ مثلُ أجرِ خمسينَ رجلًا يعمَلونَ مثلَ عملِهِ. قالَ : يا رسولَ اللهِ خمسينَ منهم؟ قالَ : أجرُ خمسينَ منكُم..”. رواه أبو داوود 4341، والترمذي 3058، وابن ماجه 4014، والطحاوي 1171، 1172، 1173، وابن حبان 385، وإسناده ضعيف فيها كلها، كما قال الشيخان الألباني في هداية الرواة برقم: 5072، وشعيب الأرناؤوط في تحقيقه لصحيح ابن حبان وشرح مشكل الآثار للطحاوي كما مر العزو إليهما، ثم حسّنه في تحقيقه سنن أبي داوود برقم 4341.

والحديث وإن كان إسناده ضعيفاً بيد أن له شواهد يصح فيها معظمه إلا فقرةً في آخره.

وهي قوله:(فإنَّ وراءَكم أيَّام الصَّبرِ فمن صبر فيهنَّ كان كمن قبضَ علَى الجمرِ ، للعاملِ مثلُ أجرِ خمسينَ رجلًا يعمَلونَ مثلَ عملِهِ قالَ : يا رسولَ اللهِ خمسينَ منهم؟ قالَ : أجرُ خمسينَ منكُم). على أن الألباني رحمه الله قد صحح منها عبارة (فإنَّ وراءَكم أيَّام الصَّبرِ فمن صبر فيهنَّ كان كمن قبضَ علَى الجمرِ) في الصحيحة برقم 957.

وعندي أن عبارة (للعاملِ مثلُ أجرِ خمسينَ رجلًا يعمَلونَ مثلَ عملِهِ قالَ : يا رسولَ اللهِ خمسينَ منهم؟ قالَ : أجرُ خمسينَ منكُم) إضافةً إلى أنها لم تصح سنداً، فهي تعارض الحديث المتفق على صحته عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ : “لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ” رواه البخاري برقم: 3673، واللفظ له، ومسلم برقم 2540. في صحيحيهما.

تعليقين على “أحاديث مختارة 3”

التعليقات مغلقة.