يطل أحدهم في كل مناسبة دينية من عيد ونحوه ليقول : أعاده الله على الأمتين العربية والإسلامية بالخير الخ.
فهل استعمال مصطلح ( الأمة العربية) ههنا صحيح؟
وعلامَ يطلق مصطلح ( أمة) من الناحية الشرعية؟
كنت قد فصلت القول في أكثر من مقالة في أمر اللغة العربية والنسبة إليها، ووضحت أن العربية هي عربية اللسان بعد نزول القرآن.
ودلّلتُ على ذلك بما يغني عن إعادته هنا.
ومن ثَمَّ فكل من تكلم بالعربية فهو عربي؛ لخصوصية هذه اللغة، وعلو شأنها، فهي لغة منشؤها السماء لا الأرض! لا تتعلق بقومية بل بدين بخلاف حال لغات البشر الأخرى.
وقلت: لا تتعلق بقومية أي: بعد الإسلام لا قبله! فعندما جاء الإسلام خرجت العربية من عباءة القومية إلى العالمية.
فعندما نقول: العرب يدخل في ذلك كل من تكلم بالعربية مسلماً كان أم غير ذلك. فهي دائرة واسعة لاحدود لها.
أما مصطلح ( أمة) فيعلمنا القرآن الكريم أن المراد به هو من كان دينهم الإسلام لا غير، يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً واحِدَةً وَأَنا رَبُّكُم فَاعبُدونِ﴾ [الأنبياء: ٩٢].
﴿وَإِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً واحِدَةً وَأَنا رَبُّكُم فَاتَّقونِ﴾ [المؤمنون: ٥٢].
والمراد بذلك كل من يدين بدين التوحيد الخالص الذي من أجله خُلق الخلق، وأُرسل الرسل، وأُنزلت الكتب. كلهم ملة واحدة وأمة واحدة. وهذا الوصف غير متحقق اليوم إلا فيمن ابتغى الإسلام ديناً.
ومن هنا فاستعمال مصطلح أمة من الناحية الشرعية لا يصدق على العرب!
وإنما خير من يتمثله هم المسلمون.
إلا إذا أردنا به الدلالة اللغوية المحضة بمعنى الجماعة العظيمة من الناس فعندئذ لا ضير في استعماله لأية جماعة يجمعها جامع ما. فنقول الأمة الألمانية لمن يحملون الجنسية الألمانية أو العربية لمن تكلموا بالعربية أو الأمريكية لمن تجنسوا بجنسيتها وهلم جراً.
أخلص إلى القول : إن استعمال مصطلح ( الأمة العربية) في المناسبات الدينية خطأ كبير صريح لا ينطبق على مدلوله، فالعرب فيهم اليهودي والنصراني والمسلم والبوذي والملحد وغيرهم.
ولذلك فالصواب أن نستعمل مصطلح (الأمة الإسلامية) في المناسبات الدينية أو عندما نريد الدلالة على ما يعنيه مصطلح ( أمة) في الإسلام، أو في الأحداث والوقائع التي تخص المسلمين دون غيرهم.
ويؤخذ مما سبق أن مفهوم ( الأمة العربية) أوسع من مفهوم ( الأمة الإسلامية).
هذا، والله الموفق لا رب سواه.